Translate

mardi 16 juillet 2013

سورة الاسراء

آية (53):
*ما الفرق بين ذكر الياء وعدم ذكرها في (عِبَادِي )و(عِبَادِ)؟(د.فاضل السامرائى)
هذه ظاهرة في القرآن. عبادي وعبادِ أيها الأكثر حروفاً؟ عبادي. كلما يقول عبادي يكون أكثر من عبادِ مناسبة لسعة الكلمة وطولها وسعة المجموعة. (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الذين اسرفوا كثير (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) يوسف) (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ) (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ (116) الأنعام) فقال يا عبادي.
(فبشر عبادِ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) أي الأكثر في العدد؟ الذين أسرفوا أكثر من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه فجاء بما هو أكثر (عبادي). ما قال يستمعون الحسن وإنما أحسنه وهؤلاء أقل.
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ (186) البقرة) كل العباد تسأل، هذا لا يخص عبداً دون عبد إذن هي كثيرة. (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (53) الإسراء) كل العباد مكلفين أن يقولوا التي هي أحسن. (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) كثير، (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10) الزمر) المؤمنون أكثر من المتقين لأن المتقين جزء من المؤمنين. مع المؤمنين جاء بـ (عبادي) بالياء ومع المتقين جاء بـ (عبادِ) بدون ياء. حتى نلاحظ نهاية الآية غريبة عجيبة (يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (57) العنكبوت) وفي الثانية (قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) في الأولى قال كل نفس ذائقة الموت، أما في الثانية فهنا الصابرون وهؤلاء أقل فجعلهم مع عبادِ الذين هم قِلّة، وكل نفس جعلها مع عبادي الذين هم كثرة. إذن في القرآن الكريم حيث قال عبادي بالياء هم أكثر من عبادِ بدون ياء. ولم تحذف هنا الياء للضرورة مع أن العرب تحذف الياء من الإسم والفعل كما في قوله (قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ (64) الكهف) (قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا (65) يوسف) مرة تذكر ومرة تحذف عموماً تجري على لسانهم وليس لها ضابط (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ (97) الإسراء) (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (178) الأعراف) في الفعل والإسم (فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ (20) آل عمران) (قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي (108) يوسف) لكن كيف يستعمل القرآن هذا الأمر الجاري على لسان العرب وكيف يستخدمها هذه هي البلاغة.
*ما نوع العداوة بين ابليس والبشر؟ عندما تذكر العداوة بالنسبة للكفار فتنسب عداوة لله والمؤمنين (عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ (60) الأنفال) بينما لما يذكر عداوة الشيطان تكون فقط للمؤمنين (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) يس)؟(د.فاضل السامرائى)
هي عامة لا تنحصر بشيء من التحريش بين المؤمنين وإثارة الإحن فيما بينهم (قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5) يوسف) (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53) الإسراء) (فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ (42) يوسف) عداوة عامة حتى (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) الشيطان أنساه وهذا من عداوة الشيطان، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة) (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (41) ص) إذا عداوة الشيطان عامة حتى يورده مورد الهلكة وحتى يدخله النار في الآخرة. في اللغة كلمة عدو عام. الفعل عادى عداءً العداء ليس بالضرورة مصدر عادى (فاعل فِعال). إذن هذه عداوة على مختلف الأصعدة حتى يورده مورد الهلكة في النار (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4) الحج) فالعداوة عامة لا تنحصر في شيء.
آية (55):
*ما سبب إفراد آتينا لداوود u ؟(د.فاضل السامرائى)
(وآتينا داوود زبورا) بمعنى آتينا داوود زبورا كما آتيناك كتاباً فلماذا خصّ الزبور؟ لأن الزبور نزل منجّماً أي بالتقسيط كما أُنزل القرآن على الرسول r. ويخاطب تعالى الكافرين أنهم يؤمنون بداوود وقد نزل عليه الزبور منجماً وقد أتيناك كتاباً كما آتينا داوود.والله أعلم.
آية (59):
*ما الفرق بين الإيتاء والهبة؟ (د.فاضل السامرائى)
الإيتاء يشمل الهبة وزيادة في اللغة، الإيتاء يشمل الهبة وقد يكون في الأموال وهو يشمل الهبة وغيرها فهو أعم، (آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا (22) يوسف) (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً (59) الإسراء) لا يمكن أن نقول وهبنا (آتيناه الكتاب) آتينا أعم من وهبنا.
آية (60):
*ما دلالة الشجرة الملعونة في الآية (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ (60) الإسراء)؟ (د.فاضل السامرائى)
الآية (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا (60) الإسراء) وما جعلنا الرؤيا التي أريناك يعني ما أراه ربه في الإسراء والمعراج. تبقى الشجرة الملعونة في القرآن هذه شجرة الزقوم كما في الصحيح (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) الصافات) إذن ملعونة وهي أبعد شيء عن الرحمة (طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) الصافات) شبّه مجهولاً بمجهول ما علمنا كيف تكون رؤوس الشياطين وغالباً التشبيه يكون معلوماً بمعلوم وقد يكون بغير معلوم، نحن نعلم أن الشياطين قبيحة ومخيفة. الشيطان ملعون يعني هي ملعونة وهو قبيح وهي قبيحة وهي تخرج في أصل الجحيم اجتمعت عليها اللعنة من كل جانب فهي شجرة ملعونة. (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ) عندما نزلت هذه الآية (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) الدخان) قال أبو جهل إن محمداً يعدكم بالزقوم ولا نعرف الزقوم إلا بالتمر والزبدة لنتزقمها تزقماً فقال تعالى (وَنُخَوِّفُهُمْ) ذكر شجرة الزقوم فوصفها (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) وليس كما ذكر أبو جهل. الرؤيا التي أريناك هي التي رآها في الإسراء والمعراج ورأى الشجرة أيضاً وما جعلنا الشجرة إلا فتنة (والشجرةَ)معطوفة على الرؤيا.
آية (62):
*متى تثبت الياء ومتى تحذف كما في قوله (أخّرتني، أخرتنِ)؟ (د.فاضل السامرائى)
قال تعالى:(فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) المنافقون) وإبليس قال (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62) الإسراء) بدون ياء. مَنْ من هذين الذين يطلبون التأخير هو في مصلحة نفسه؟ الأول لأنه قال (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) أما الثاني أي إبليس فليس في مصلحة نفسه وإنما (لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ) فلما كان الأمر لنفسه أظهر نفسه (أخرتني). إضافة إلى أن (لولا) من أدوات الطلب والتحضيض، طلب صريح، (لولا وألا) من أدوات الطلب والتحضيض. (لئن) طلب ضمني، هذا شرط مسبوق بقسم، هذا طلب ضمني وليس طلباً صريحاً. أما لولا فهو طلب صريح (لولا أخرتني). فلما كان الطلب صريحاً أظهر الياء صراحة ولما كان في الثانية إشارة إلى الطلب هو أشار إلى ضمير المتكلم (أخرتنِ). إذن عند التصريح صرّح وعند الإشارة أشار. إذن إظهار الياء في المواطن الجلل.
* فعل أرى المضارع يتعدى بمفعول أو مفعولين وأرى بصيغة الماضي يتعدى بمفعولين أو ثلاث، وفي صيغة الإستفهام أأرأيت، كيف تم تركيبة الصيغة (أرأيتك) في سورة الإسراء (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ (62)) ؟(د.حسام النعيمى)
الفعل(رأى) ممكن أن تكون للرؤية البصرية كأن تقول: أرأيت زيداً؟ أشاهدته؟ وممكن أن تكون للرؤية القلبية تكون بمعنى علِم (أرأيت زيداً نجح؟) يعني أعلمت زيداً نجح؟ فلما يدخل على (رأيت) الكاف (أرأيتَكَ) الكاف للخطاب والتاء للخطاب كأنه يقول له: أرأيت نفسك؟ لو قال أرأيتُك بمعنى أنا أراك لكن لما فتح التاء وجاءت الكاف كأنه يقول له أرأيت نفسك؟ ولكن العرب أخرجتها عن صورتها الظاهرة واستعملتها بمعنى أعلمني أو أخبرني. يقول له أرأيتك إذا جاء زيد هل ستكرمه كما أكرمت أخاه؟ أخبرني مع شيء من التأكيد، مع شيء من التعجب من إكرامه الأول وأحياناً يكون فيه نوع من التبكيت يعني (أرأيتك) ستفعل هذا مع فلان مع فعلته مع فلان؟ كأنه لم يُكرم فلاناً فهل ستتصرف بعين هذا التصرف؟. واقع الحال هو الذي يبين المعنى الدقيق لهذا هل فيه نوع من التبكيت أو هو للتعجيب أو هو لمجرد الإستخبار بمعنى أخبرني. أرأيتك وردت في القرآن الكريم لكن على ورد على غير معنى أخبرني. العرب تصرفت في الكلمة تصرفاً عجيباً والقرآن نزل بلغتهم.
لما يأتي في سورة الإسراء على لسان إبليس قال (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62)) نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا من هؤلاء القليل. لما يخاطب رب العزة (أرأيتك) هو لا يريد أن يقول له أرأيت نفسك؟ ولا يريد أن يقول له أخبرني وإنما كأنما يريد أن يقول لله سبحانه وتعالى: أترى هذا الذي جعلته مكرّماً عليّ أني سأخبرك، سأقول لك كلاماً يقينياً بشأنه لأحتنكن ذريته. فإذن هو في هذه الحالة كأنما نوع من التنبيه أو التأكيد أو لفت النظر إلى هذا الإنسان وهذا نستعمله نحن في العامية أحياناً لما تقول للشخص: شايف إبنك هذا إذا بقي هكذا لن يتقدم. يعني إني سأخبرك شيئاً يقينياً بشأن ولدك هذا.إذا بقي هكذا فلن يتقدم. وهذا ليس سؤالاً.
 (أرأيتك) الهمزة همزة سؤال لكنه لا يريد استفهاماً إنما يريد تقرير شيء. هذا الفعل استعمل بهذه الطريقة وقد خرج عن ظاهره يعني هو ليس بمعنى الرؤية المنسوبة لمخاطب في الحالين (أرأيتكَ وأرأيتكم) والعرب تصرفت فيه فقالت أرأيتَك وأرأيتِك وأرأيتكما وأرأيتكم وأريتكن. إعرابها: التاء يقولون فاعل والكاف للخطاب لا محل له من الإعراب ولا يكون مفعولاً به. هنا بمعنى أخبرني يذصب مفعولاً واحداً أخبرني الأمر.
(أرأيتك) هي صيغة خاصة تكوينها الأصلي: تاء المخاطب (الفاعل) وجاءت الضمائر بعد ذلك لبيان الأعداد: أرأيتكَ للمخاطب الواحد، أرأيتكِ للمخاطبة، أرأيتكما للمثنى، أرأيتكم للجمع المذكر، أرأيتكن للجمع المؤنث، وفيها كلها جاءت التاء مفتوحة. (أرأيتُكم) هذه بضم التاء صارت للمتكلم، أي هل شاهدتكم ؟ ما استعلمت بهذه الصورة وكلها جاءت مفتوحة بالتاء.
آية (69):
*لماجاءت كلمة( ريح) وليس رياح ؟ (د.فاضل السامرائى)
كلمة ريح في القرآن الكريم تستعمل للشّر كما في قوله تعالى في سورة الإسراء (أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً {69}).
أما كلمة الرياح فهي تستعمل في القرآن الكريم للخير كالرياح المبشّرات.
آية (70):
*ما اللمسة البيانية في عدم ذكر الجو في قوله تعالى (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) في سورة الإسراء؟ (د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة الإسراء (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)) ونلاحظ أنه تعالى استعمل صيغة الماضي في الآية (كرّمنا، حملناهم) وفي وقتها لم يكن هناك حملٌ في الجوّ هذا أولاً ساعة النزول. والأمر الآخر أنه لمّا ذكر الآية شملت كل بني آدم من آدم إلى قيام الساعة لكن لو قال (في الجو) لشمل التكريم من حُملوا في الجو وبذلك تكون الآية أغفلت كثيراً من بني آدم ولما شمل التكريم كل بين آدم في عهد آدم إلى قيام الساعة. ثم إن السياق يتعلّق بالبر والبحر فقال تعالى في السورة نفسها (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68)).
آية (80):
*ما الفرق بين مدخل ومدّخل (وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ (80) الإسراء) و (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ (57) التوبة)؟ (د.فاضل السامرائى)
عندنا مَدخل ومُدخل ومُدّخل. مَدخل من دخل يدخل هو دخل، إسم مكان مثل خرج يخرج مخرجاً. مُدخَل من أدخَل (الرباعي) وهو إسم مكان ومصدر ميمي وإسم زمان لكن مدخل من الفعل الثلاثي ومُدخل من الرباعي. (مُدّخل) من ادّخل أي المبالغة لا يستطيع الدخول إلا إذا اجتهد في الدخول ولذلك قال تعالى عن المنافقين (لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ) دخلوا فيه بقوة، هم يريدون أن يهربوا فقط. وأحياناً يقولون هو كنفق اليربوع يدخل فيه، هذا المُدّخل. الثلاثة إسم مكان ومصدر ميمي وإسم زمان لكن الفرق في الاشتقاق واحدة من الثلاثي (مَدخل) والثانية من الرباعي (مُدخل) والثالثة من الخماسي (مُدّخل). مَدخل ومُدخل ليستا دلالة واحدة. دخل الشخص هو يدخل، أدخل أي يُدخله شخص آخر (وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ (80) الإسراء) هو لا يدخل من تلقاء نفسه. دخلت مدخلاً صعباً أنت دخلت أنا أُدخلت مدخلً صعباً. أدخلني وأخرجني هو يُدخلني وهو يُخرجني، لقد ركبت مركباً صعباً, أما مُدخل شيء آخرأدخله مُدّخل في قوة وشدة.
آية (83):
* ما اللمسة البيانية في استعمال(أنعمنا) بضمير المتكلم واستعمال (مسه )بضمير الغائب ؟ (د.فاضل السامرائى)
هناك خط عام في القرآن الكريم وهو أن الله تعالى لا ينسب الشرّ لنفسه مطلقاً (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) الإسراء)ولم يقل مسسناه بالشرّ وإنما ينسب الخير إلى نفسه، والخير يُقصد به الخير العام وليس شرطاً أن يكون الخير الفردي كما في قوله تعالى (فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) الرعد) وأخذ الكافرين وإهلاكهم هو من الخير العام وهو نعمة على الناس أصلاً وهذا أيضاً ليعلّمنا الله تعالى أن الخير والشر مُقدّر من الله تعالى وهذا هو يقين العقيدة حتى لا يتبادر إلى ذهن الإنسان أن هناك إله للخير وإله آخر للشرّ كما كانوا يعتقدون قبل الإسلام. وفي قوله تعالى (قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) طه) نسب الفتنة إليه سبحانه وتعالى وهى ليست شراً وإنما هي ابتلاء فالله تعالى خلق الموت والحياة للابتلاء (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الملك). وفي القرآن يذكر (زيّنا لهم أعمالهم) ولم يرد في القرآن مرة (زينا لهم سوء أعمالهم) وإنما جاءت (.زيّن لهم سوء أعمالهم).
آية (84):
*(كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) الأنبياء) لماذا لم يقل يسبح كما فى قوله(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (84) الإسراء)؟(د.فاضل السامرائى)
(كل) لها قواعد في التعبير. (كل) إذا أضيفت إلى نكرة هذا يراعى معناها مثل (كل رجل حضر) (كل امرأة حضرت) (كل رجلين حضرا) إذا أضيف إلى نكرة روعي المعنى وإذا أضيفت إلى معرفة يصح مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى، مثال: (كل اخوتك) اخوتك جمع يجوز أن يقال كل إخوتك ذاهب ويقال كل إخوتك ذاهبون، يجوز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى. إذن إذا أضيفت إلى نكرة روعي المعنى كل رجل حضر، كل رجلين حضرا، كل امرأة حضرت. (كل) لفظها مفرد مذكر ومعناها تكتسبه بحسب المضاف إليه. إذا أضيفت لنكرة يراعى المضاف إليه وإذا أضيفت لمعرفة يجوز مراعاة اللفظ والمعنى. نوضح القاعدة: كل الرجال حضر وكلهم حضر، إذا قطعت عن الإضافة لفظاً جاز مراعاة اللفظ والمعنى (كلٌ حضر) (كلٌ حضروا) يجوز، (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ (285) البقرة) (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) الأنبياء) (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق) مجموعة قوم نوح وعاد وفرعون قال كلٌ كذب الرسل، (كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (116) البقرة). إذن من حيث القاعدة النحوية أنه إذا قطعت عن الإضافة هذا سؤال (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) لفظاً جاز مراعاة اللفظ ومراعاة المعنى يمكن أن يقال كلٌ في فلك يسبح وكلٌ في فلك يسبحون لكن هل هنالك اختلاف في المعنى في القرآن ليختار هذا أو ذاك؟ هذا هو السؤال. من حيث اللغة جائز. القرآن استخدم الاثنين (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93) الأنبياء) (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ (84) الإسراء)(كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (14) ق). مما قيل في هذا الخلاف قال: الإخبار بالجمع يعني عندما يقول قانتوت حاضرون يسبحون يعني كلهم مجتمعون في هذا الحدث ولما يفرد يكون كل واحد على حدة ليسوا مجتمعين. لما يقال كلٌ حضروا يعني مجتمعون ولما يقال كلٌ حضر يعني كل واحد على حدة. قال تعالى (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) كلهم يسبحون في آن واحد، (كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ) يوم القيامة كلهم مع بعضهم، (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) كلٌ على حدة، (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) كلٌ على حدة كل واحد في أزمان مختلفة.
سؤال: هل هي لغوية معروفة أو خصوصية في القرآن الكريم؟
أصل اللغة ما ذكرنا والقرآن كسى بعض الكلمات دلالات خاصة به في سياق القرآن.
*وردت في القرآن ( يسألونك) و (ويسألونك) فما دلالة إضافة الواو وحذفها؟
د.حسام النعيمى :
الواو تكون عاطفة فلما يبدأ موضوعاً جديداً لا يبدأ بالواو وإنما يبدأ بـ (يسألونك) أما اذا أراد أن يستكمل كلاماً سابقاً  يأتى بالواو.ووردت (ويسألونك) في ستة مواضع كلها فيها عطف منها  (ويسألونك عن الروح (85)) .
د.فاضل السامرائى :
يسألونك و(ويسألونك) له مواضع في القرآن. أحياناً تقع الأسئلة في وقت واحد، عدة أسئلة في موضع واحد في وقت واحد فالسؤال الأول (يسألونك) وفي الأسئلة الأخرى يقول (ويسألونك)، مثال (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ (219) البقرة) هذا ابتداء هذا أول سؤال وبعدها يأتي (ويسألونك) (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (219) البقرة) عطف على السؤال الأول (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى (220) البقرة) وبعدها (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ (222) البقرة) هذا سؤال آخر إذن السؤال الأول بدون واو (يسألونك) هذا ابتداء والآخر عطف على السؤال الأول فتأتي بالواو، هذه قد تكون من المواطن. هذا أمر أو يقع ضمن متعاطفات يعني السياق فيه متعاطفات فيقع السؤال ضمن المتعاطفات، مثلاً (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ (79) الإسراء) (وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ (80) الإسراء) (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ (81) الإسراء) عطف كلها نفس السياق (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ (82) الإسراء) (وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ (83) الإسراء) (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ (85) الإسراء) وبعدها (وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ (86) الإسراء) وبعدها (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ (89) الإسراء) لاحظ كلها في سياق المتعاطفات ابتداء إذن (ويسألونك) عطف على المتعاطفات الكثيرة وهذا هو السياق أصلاً. أو واقع ضمن مشهد يحسن السؤال أو يتناسب السؤال مثل (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) طه) هذه واقعة ضمن مشاهد القيامة قبلها قال (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102) يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105) فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106) لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107 طه) السياق هو هكذا (يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108) طه) هي وقعت في أمر يتناسب فيه السؤال. إذن إما أن تكون ضمن أسئلة متعددة فيبدأ بالأول بلا واو والأخرى عاطفة أو هو ضمن متعاطفات كما ذكرنا أو الموقف يحسُن فيه السؤال.
آية (88):
*ما الفرق بين (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ (23) البقرة) و(مثله)فى كل القرآن؟ (د.حسام النعيمى)
التحدي كان بأكثر من صورة، كان هناك تحدي في مكة وتحدي في المدينة. السور المكية جميعاً جاءت من غير (من) مثل قوله تعالى:(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء) هذه السور المكية بعضها قال بحديث، آية ، سورة ،عشر سور, في المدينة (في سورة البقرة) المكان الوحيد الذي قال (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) البقرة). هنا القرآن إنتشر وأسلوبه صار معروفاً، الآن يقول لهم (بسورة من مثله) لو قال : بسورة مثله كما قال سابقاً يعني سورة مثل سور القرآن الكريم. (من) هذه للتبعيض، هو هل له مثل حتى يطالَبون ببعض مماثله؟ هو لم يقل : فاتوا بمثله وإنما ببعض ما يماثله ولا يوجد ما يماثله لأنه سبق وقال تعالى (لا يأتون بمثله) فإتوا.فما معناه؟ هذا معناه زيادة التوكيد. بجزء من ذلك المثال الذي تخيلتموه فهذا أبعد في التيئيس وإمعان في التحدي من قوله (مثله) مباشرة.
*ما دلالة تقديم وتأخير الجن والإنس في آيتي الإسراء والرحمن؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى: ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء)  وقال عز وجل : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن)
قدم في الأولى الإنس وقدم في الثانية الجن
لأن مضمون الآية هو التحدي بالإتيان بمثل القرآن ، ولا شك أن مدار التحدي على لغة القرآن ونظمه وبلاغته وحسن بيانه وفصاحته.
والإنس في هذا المجال هم المقدمون ، وهم أصحاب البلاغة وأعمدة الفصاحة وأساطين البيان ، فإتيان ذلك من قبلهم أولى ، ولذلك كان تقديمهم أولى ليناسب ما يتلاءم مع طبيعتهم.
أما الآية الثانية فإن الحديث فيها عن النفاذ من أقطار السموات والأرض ، ولا شك أن هذا هو ميدان الجن لتنقلهم وسرعة حركتهم الطيفية وبلوغهم أن يتخذوا مقاعد في في السماء للاستماع ، كما قال تعالى على لسانهم : " وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع " الجن 9
فقدم الجن على الإنس لأن النفاذ مما يناسب خواصهم وماهية أجسامهم أكثر من الإنس.
آية (89):
*ما الفرق بين قوله تعالى (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89) الإسراء) وقوله (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) الكهف)؟(د.فاضل السامرائى)
قدم (للناس) على (في هذا القرآن) في الإسراء وأخّرها في الكهف وذلك لأنه تقدم الكلام في الإسراء على الإنسان ونعم الله عليه ورحمته به فقال (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) ) إلى أن يقول (وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) ) فناسب تقديم الناس في سورة الإسراء.
ولم يتقدم مثل ذلك في سورة الكهف. ثم انظر في افتتاح كل من السورتين فقد بدأ سورة الكهف بقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) ) فقد بدأ السورة بالكلام على الكتاب وهو القرآن ثم ذكر بعده أصحاب الكهف وذكر موسى والرجل الصالح وذكر ذا القرنين وغيرهم من الناس، فبدأ بذكر القرآن ثم ذكر الناس فكان المناسب أن يتقدم ذكر القرآن على الناس في هذه الآية كما في البدء.
وأما في سورة الإسراء فقد بدأت بالكلام على الناس ثم القرآن فقد بدأت بقوله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ (1) )ثم تكلم على بني إسرائيل ثم قال بعد ذلك: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) ) فكان المناسب أن يتقدم ذكر الناس فيها على ذكر القرآن في هذه الآية وهذا تناسب عجيب بين الآية ومفتتح السورة في الموضعين.
ثم انظر خاتمة الآيتين فقد ختم آية الإسراء بقوله (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89) ) والكفور هو حجد النعم فناسب ذلك تقدم ذكر النعمة والرحمة والفضل ألا ترى مقابل الشكر الكفران ومقابل الشاكر الكفور قال تعالى (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) الإنسان) فكان ختام الآية مناسب لما تقدم من السياق. أما آية الكهف فقد ختمها بقوله (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) ) لما ذكر قبلها وبعدها من المحاورات والجدل والمراء من مثل قوله تعالى (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ (34) ) وقوله (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ (37) ) وبعدها (وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ (56) ) وذكر محاورة موسى الرجل الصالح ومجادلته فيما كان يفعل. وقال (فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا (22) ) ولم يرد لفظ الجدل ولا المحاورة في سورة الإسراء كلها. فما ألطف هذا التناسق وما أجمل هذا الكلام!.
آية (90-91):
*ما الفرق من الناحية البيانية بين الفعلين تَفجُر و تُفجِّر؟ (د.فاضل السامرائى)
تفجُر على صيغة أفعل وتفجّر على صيغة فعّل وهي تفيد التكثير كقوله تعالى (تفجُر لنا من الأرض ينبوعا) وقوله (فتفجّر الأنهار) استعمل صيغة تفجر للينبوع والصيغة التي تفيد التكثير تفجّر للأنهار لأنها أكثر.
آية (93):
* د.حسام النعيمى:
نقول نحن من أتباع محمد R فإذن دعوة الناس لطاعة الله سبحانه وتعالى واجب من واجباتنا. والرسول بشر (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً (93) تصبّره Rعلى قومه هو من جهده البشري.
 آية (96):
*ما دلالة تقديم وتأخير كلمة (شهيداً) في آية سورة العنكبوت وآية سورة الإسراء؟ (د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة العنكبوت (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {52}‏) وقال تعالى في سورة الإسراء (قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً {96}).ختم الآية بذكر صفاته (خبيراً بصيرا) لذا اقتضى أن يُقدّم صفته (شهيداً) على (بيني وبينكم)، أما في آية سورة العنكبوت فقد ختمت الآية بصفات البشر (أولئك هم الخاسرون) لذا اقتضى تقديم ما يتعلّق بالبشر (بيني وبينكم) على (شهيدا).وتأخر الظرف لأن الكلام على الرسالة.
*جاء في القرآن كله تقديم كلمة شهيد على بيني وبينكم كما جاء في سورة الإسراء آية 96 أما في سورة العنكبوت فقد جاءت كلمة شهيد متأخرة فما سبب الإختلاف؟ (د.حسام النعيمى)
نأتي إلى الآية (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)  قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (52) العنكبوت) في غير القرآن يمكن القول: كفى بالله شهيداً بيني وبينكم. بل حتى في القرآن في آيات أخرى في خمس آيات وردت بهذه الصيغة (كفى بالله شهيداً بيني وبينكم) تأتي شهيداً بعد إسم الجلالة. أما في الآية موضع السؤال في سورة العنكبوت: (كفى بالله بيني وبينكم) جاءت متقدمة على (شهيداً). إذن هناك سر جعل هذه الكلمة مقدمة. والذي قدّمها في خمسة مواضع يستطيع أن يقدمها في الموضع السادس فلماذا جاءت (كفي بالله بيني وبينكم شهيداً) شهيداً متأخرة؟
جاء في الآية (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)) الخطاب للرسول R (أنزلنا عليك) و (عليهم) إذن (عليك، عليهم) فناسب أن يقدّم (بيني وبينكم) لأن الخطاب للرسول R: قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً) وإلا كان يمكن أن يقول (كفى بالله بينك وبينهم شهيداً) هذا شيء.
الأهم من هذا أنه عندنا كلمة (يعلم) هذه جملة فعلية هي وصف لكلمة (شهيداً) (شهيداً يعلم) يعني شهيداً عالماً فلما كان يعلم وصفاً لشهيدا فلو قدم شهيداً وجعله (وكفى بالله شهيداً بيني وبينكم يعلم) يكون هناك فاصلاً بين الصفة والموصوف يطول الكلام ويضعف. حينما تفصل الصفة وموصوفها يضعف الكلام من حيث التركيب سيتبعد الوصف عن صفته ويكون (بيني وبينكم) فاصلاً. فتفادياً لهذا الضعف - ولغة القرآن اللغة الأعلى والأسمى والأرقى- فتفادياً لهذا الضعف وإتّكاء على ذكر المخاطب والغائبين (عليك، عليهم) نوع من التنسيق، والأصل أن يتفادى الفصل بين الصفة والموصوف بكلام (بيني وبينكم) تطيل الفاصل والأصل في اللغة العليا أن لا يُفصل بين النعت ومنعوته.  وهو قد يجوز أن تفصل لكن ليس هو الأفضل في اللغة العليا. لذلك جاء (كفى بالله بيني وبينكم شهيداً يعلم) لأن (يعلم) نعت لـ(شهيداً) فلا بد أن تتصل بها.
الآيات الأخرى جاءت على الأصل يعني أن العامل تقدم على المعمول لأن (بيني وبينكم) معمولان لـ (شهيداً) تقدم على العامل. لكن لما يتقدم (شهيد) يأتي المعمول بعدها. الطبيعي أن يأتي العامل ثم يأتي المعمول (كفى بالله شهيداً بيني وبينكم) فما جاء على الأصل لا يُسأل عنه. كما تقول: كتب زيد رسالة، لا نقول لماذا تقدم الفاعل ؟ هذه رتبته هكذا يأتي قبله. إذا جاء الشيء على الأصل لا يُسأل عنه عندما يكون العامل مقدّماً على معموله فهذا هو الأصل. بيني وبينكم معمولان متعلقان بـ (شهيداً) لما يأتي (بيني وبينكم) بعد (شهيداً) لا يُسأل عنه لأن هذا الأصل. مع ذلك لو نظرنا في الآيات التي قد تأخر فيها الظرف نجد أن هناك أسباباً دعت إلى تأخيره ولا يمكن أن يتقدم:
أما فى سورة الإسراء قال تعالى:(وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)  قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96) الكلام على الرسالة.
آية (97):
*لماذا وردت كلمة المهتد بدون ياء فى سورة الاسراء  والمهتدى فى سورة الأعراف؟ (د.فاضل السامرائى)
أولاً نقول أن خط المصحف لا يُقاس عليه لكن مع هذا فهناك أمور أُخرى هنا فلو لاحظنا لفظ الهداية في سورة الأعراف (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {178}) بالياء وقوله في سورة الإسراء (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً {97}) وفي سورة الكهف (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً {17}) بجدون ذكر الياء ولو لاحظنا آيات السور لوجدنا أن لفظ الهداية تكرر في سورة الأعراف 17 مرة وفي سورة الإسراء 8 مرات وفي سورة الكهف 6 مرات.
*ما دلالة ذكر وعدم ذكر الياء في قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ (97) الإسراء) و(مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (178) الأعراف)؟ (د.فاضل السامرائى)
المهتدي أطول من المهتدِ. لما يكون أطول يكون فيه هداية أكثر إضافة إلى أمر آخر. نضرب مثالاً: (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (178) الأعراف) قبلها قال (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) الأعراف) هذا الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها هل كان مهتدياً أول مرة أم لا؟ كان مهتدياً لكن كان يحتاج إلى قدر من الهداية أكبر حتى لا ينسلخ لذلك عقّب عليها بـ (المهتدي) لأن الهداية التي كانت عنده ما عصمته من الإنسلاخ فكان يريد هداية أكثر وأطول حتى يرسخ ولا يزل ولا يضل لذلك عقب (فهو المهتدي) مثل قوله تعالى (ذلك ما كنا نبغي). أما في سورة الإسراء (فهو المهتدِ) في قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) الإسراء) هؤلاء من أصحاب النار. ما الذي ينجي من الخلود في النار؟ أن يكون عنده هداية بسيطة (شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقسم من الفروض. كانت تكفيهم قدر بسيط من الهداية يخرجهم من هذا. أما ذاك فكان يحتاج إلى هداية كبيرة حتى لا ينسلخ، أما هؤلاء فتكفيهم هداية قليلة.
من الناحية النحوية الإعرابية (المهتدِ) تقدّر الحركة على الياء المحذوفة (فهو المهتد: المهتد خبر مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة).
ثم هناك إضافة إلى ما ذكرنا ما نسميه السمة التعبيرية للسورة مثلاً سورة مريم فيها الرحمة من أولها إلى آخرها. لو أخذنا سورة الأعراف وسورة الإسراء والكهف نلاحظ لفظ الهداية تردد في الأعراف أكثر من ما تردد في الإسراء وفي الكهف. في الأعراف 17 مرة وفي الإسراء 8 مرات وفي الكهف 6 مرات أي مجموع ما تردد في السورتين الإسراء والكهف 14 مرة فلما تردد لفظ الهداية أكثر في الأعراف زاد الياء.
*مداخلة من إحدى المشاهدات حول ما ذكره الدكتور فاضل في مسألة المهتدي والمهتدِ أن المهتدي هو الذي يهتدي ويسير على هدى الله وهي تكون بمقام إسم الفاعل وفيه الاستمرارية أما في قوله (فهو المهتدِ) من تم له الاهتداء إلى الله تعالى فصار مهتدياً وهنا ينطبق عليه الحديث القدسي (كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها) وذلك بدليل ما لحق بالآية (من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً).
*ما دلالة حرف العطف فى الآية (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ؟ (د.حسام النعيمى)
في الآية (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا) الواو، واو العطف لما تأتي نقول تأتي على نية تكرار العامل. لو ذكرنا مثالاً يتضح الأمر: لما نقول "خرج الطلاب فاهمين فرحين شاكرين" هذه حالهم، بهذه الأحوال خرجوا. زِنها بقولك "خرج الطلاب فاهمين وشاكرين ومسرورين". لما يكون بالعطف كأنه تتكون جملاً جديدة فيها نوع من الإهتمام. نية تكرار العامل يعني نحشرهم عمياً ونحشرهم صماً ونحشرهم بكماً فيكون فيها نوع من التمييز لتنبيه أو لتركيز هذا المعنى.
فكرة الحشر على الوجوه، الحديث رواه الترمذي والنسائي وأحمد " أن رجلاً قال: يا نبي الله كيف يُحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال R: أليس الذي أمشاه على رجليه قادر أن يحشره على وجهه يوم القيامة؟ قال قتادة: بلى وعزّة وربنا".
آية (101):
*ما الفرق بين فعل الأمر إسأل وسل؟ (د.فاضل السامرائى)
سل إذا بدأنا بالفعل فالعرب تخفف وتحذف (سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ (211) البقرة) وإذا تقدمها أي شيء يؤتى بالهمزة (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ (101) الإسراء) هذه قاعدة عند أكثرية العرب.إذا سبقها شيء يبدأ بالهمزة وإذا بدأنا بها تحذف(سل).
آية (102):
*د.فاضل السامرائى :
صيغة (مفعول) تحتمل الحال والاستقبال لما تقول أراك مقتولاً هذا اليوم وبعده لم يُقتل، وكما قال تعالى (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَونُ مَثْبُورًا (102) الإسراء) لم يقع بعد هذا ولما قال عبد الله بن الزبير: إعلمي يا أماه أني مقتول من يومي هذا. صيغة مفعول تقال لما حصل أو لما لم يحصل في المستقبل عندما تقول هو مقتول قد يكون هو فعلاً مقتول وقد يكون ليس مقتولاً لكن سيقتل لكن فعيل لا يمكن إلا أن يكون قد قتل بالفعل، لا يمكن أن تقول لمن سيقتل قتيل ولا تقال إلا لمن وقع عليه الفعل حقاً. أما (مفعول) فليس بالضرورة وتقال لما وقع أو لما سيقع.
آية (104):
*هل المقصود في كلمة لفيفاً في الآية (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) الإسراء) أن دولة إسرائيل تجمع كل اليهود؟ (د.فاضل السامرائى)
لا يبعد أنهم يجتمعون في الأرض ثم يبطش بهم أناس أشداء ويتبروا ما علوا تتبيرا. وقد ذكر فى الأثر أنهم يؤتى بهم على ذوات أجنحة .
آية (105):
*قوله تعالى في سورة الإسراء (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ (105) الإسراء) هل هذا مجرد توكيد أم فيها أكثر من توكيد؟ (د.فاضل السامرائى)
الحق الأول غير الحق الثاني وليس تكراراً لكلمة الحق. (وبالحق أنزلناه) أي أنزلناه بالحكمة الإلهية في الوقت الذي اقتضى التنزيل. ربنا سبحانه وتعالى علِم الوقت الذي اقتضى التنزيل. (بالحق نزل) أي ما فيه من الأحكام هو حق. مثل: مجتمع فيه فساد قامت فيه دعوات للإصلاح قيام هذه الدعوات هذا حق من حيث المبدأ لأن المجتمع يحتاجها لكن هل ما جاء في هذه الدعوات حق؟ هل هذا المنهج حق؟ هناك فرق بين الحق الأول والحق الثاني لكن الوقت يقتضي الإصلاح، هل ما جئت به هو الحق الذي سيصلح فعلاً؟. الحق الأول (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ) الحكمة تقتضي الإصلاح لأن المجتمعات تقتضي الإصلاح (وبالحق نزل) ما فيه من الأحكام هو حق. إذن هو الوقت والحكم حق. مثال آخر: لو اعتدى شخص على شخص وأحيل إلى المحكمة هذه الحالة حق، فحَكَمه القاضي بالاعدام هذا ليس حقاً. إذن الإحالة حق أما الحكم فليس حقاً فالحق الأول غير الحق الثاني. هنا الحق في الإنزال وما فيه من الأحكام (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) إذن الحق غير مكرر.
الفرق بين أنزلناه ونزل: أنزلناه نحن أنزلناه ونزل عندما أنزله نزل. (إنا أنزلناه في ليلة القدر) أُنزِل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.
*(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) الفرقان) نُزّل تعني التفريق أوالتنجيم فكيف تتناسب مع (جملة واحدة)؟ (د.حسام النعيمى)
قال تعالى (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) أنزلته فنزل، نزل هنا صار للمطاوعة كما تقول أعلمته فعلِم أخرجه فخرج أي طاوع فِعلي.. الفرق الدلالي أن أنزلته أي أنا أفعل ونزل أي هو فعل القائم بالفعل إختلف.
الفرق بين أُنزِل ونزّل أن أنزل كأنه مرة واحدة ولذلك أنزل التوراة والإنجيل ونزّل من معانيها التدرّج. قوله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر) أي جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا ثم بعد ذلك نزل مفرّقاً؟ نزّل (فعّّل) تأتي للتدرج كما تقول علّمه.
آية (106):
*ما معنى كلمة قرآن؟(د.حسام النعيمى)
من حيث اللغة كلمة فُعلان تأتي مصدراً مثل كلمة غفران من غفر فالغفران مصدر فقرأ قراءة وقرأناً فهو مصدر أي حدث أو عمل القراءة. المصدر هو الحدث المجرّد من الزمن وهو مصدر من فعل قرأ. من حيث اللغة قرأ قراءة وقرأ قرأناً  فهو مصدر قياسي أي فعل فعلان. قراء مكة القبائل التي استقرت في مكة كانت تقرأ هكذا القران من أين جاءتها وما كانت قريش تهمز فهم لا يقولون مؤمن بل مومن ولا يقولون بئر بل بير هكذا فهم لا يهمزون. والرسول صلى الله عليه وسلم كان يُقرئهم بالهمز فهمزوا فقد قرأ قرآن وقران بالحالين أو قرئت بين يديه فأجازها بأمر من ربه سبحانه وتعالى وأنا أميل إلى أنها مخففةإذن هو اسم لكتاب الله عز وجل الذي أنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم وليس مشتقاً من القراءة فهو اسم خاص كما قال توراة، إنجيل قال قرآن أو قران بالهمز أو بغير الهمز. فبعض العرب يهمز وبعضهم لا يهمز . وعندنا كلمة للإمام علي عليه السلام يقول: "نزل جبرائيل بالهمز وما كنا أهل همز ولولا أن جبرائيل نزل بالهمز ما همزنا"، وهذا النص صحيح
. إذنً لدينا قولان أنه هل هو مخفف كلمة قرآن-وأنا أميل أنه مخفف- وأنه ليست الكلمة هكذا جاءت قران لأنه عندنا ستة قراء قرأوها بالهمز قرآن الا قراءة ابن كثير قارئ مكة لم يهمز كلمة قرآن معناه أهل مكة كانوا يقولون القران من غير همز. فهو يمثل أهل مكة في قراءتهم؟ . ويفترض أن الكلمة بوصفها مصدراً كانت مستعملة قديماً في لغة العرب قبل نزول القرآن. ونفهم قوله تبارك وتعالى (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَه (106) الإسراء) بأنه مرتبط بالقراءة لأن القرآن صار اسماً. أنت سمّيت بالمصدر صار اسماً لهذا الكتاب فهو في الأصل مصدر سمي به الكلام المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم مما هو بين الدفتين بيننا صار اسماً له، صار علماً عليه، وجعل المصدر علماً معروفاً مثل فضل يفضل فضلاً العرب سمت فضل وسمت الفضل. ويقول في المعجم والأصل في هذه اللفظة الجمع في لفظة قرأ - قرآن حتى قرأ فيها معنى الجمع لأنه عندما يقرأ يقرأ شيئاً قد جُمعت حروفه ضم حرف إلى حرف مجتمع حتى يقرأه وسمي القرآن قرآناً لأنه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والآيات والسور بعضها إلى بعض.
آية (111):
*قال تعالى فى سورة الجن(مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا) و(وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا) في سورة الإسراء ،ما الفرق بينهما؟ (د.فاضل السامرائى)
(ما) في الغالب تقال للرد على قول في الأصل يقولون في الرد على دعوى، أنت قلت كذا؟ أقول ما قلت. أما (لم أقل) قد تكون من باب الإخبار فليست بالضرورة أن تكون رداً على قائل لذلك هم قالوا لم يفعل هي نفي لـ(فعل) بينما ما فعل هي نفي لـ (لقد فعل). حضر لم يحضر، ما حضر نفي لـ قد حضر (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ (74) التوبة) (ما اتخذ) ضد قول اتخذ صاحبة ولا ولدا، لم يتخذ قد تكون من باب الإخبار والتعليم (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)) هذا من باب التعليم وليس رداً على قائل وليس في السياق أن هناك من قال وردّ عليه وإنما تعليم يخبرنا إخباراً (وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) في الإسراء بينما نلاحظ لما قال في محاجته للمشركين (ما اتخذ الله من ولد) هم يقولون اتخذ الله ولد (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) المؤمنون). لما رد على المشركين وقولهم قال (ما اتخذ) و(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ (78) آل عمران) يقولون هو من عند الله فيرد عليهم (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ (78) آل عمران). (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) البقرة) معناه لما قال (ما اتخذ) يعني رد على أن هناك من يقول اتخذ فهو نفى قولهم ورد عليهم أما لم يتخذ فتأتي للإخبار والتعليم.
بعد أن ذكر الآية الأولى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) قال (وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِيوَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)) ثم ذكر بعدها مباشرة القرآن(إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (10)) وفي آخرها قال (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101)). ذكر الكتاب في أولها (وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ) وذكر الآيات الدالة على صدق هذا الكتاب وصدق موسى في آخرها العصى والطوفان وغيرها، فذكر الكتاب أولاً ثم ذكر في الآخر الآيات الدالة على صدق هذا الكتاب وهي تسع آيات وصدق موسى. في الأول قال (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا) وفي الآخر قال (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)) لفيفاً أي مجتمعين جماعات جماعات. الغريب أنه كما ذكر لي أحد الأساتذة المختصين قال أن هنالك أثر قرأه "أنه يؤتى بهم على ذوات أجنحة" (طائرات) هذا أثر قديم في الكتب القديمة تنسب إلى الرسول. ثم ذكر القرآن بعد ذكر بني إسرائيل (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)) وفي الآخر بعد أن ذكر قوم موسى قال (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)) كما ذكر القرآن بعد بني إسرائيل في الأول ذكره بعد موسى في الآخر بنفس النمط وبنفس الترتيب. كأن الآية في الآخر تكملة للأية في البداية (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ). هذا أمر مقصود لذاته وقد ذكرنا سبع عشرة سورة متصلة وهذا يدل أن هذا أمر مقصود لذاته.
استطراد: إذا جاءت آية أو سورة بشيء غير هذا يقول البعض أنتم تتلمسون الأعذار وتبررون ما هو موجود ولو كانت الخاتمة غير هذه أيضاً ستقولون لنا كلاماً وتربطونها بهذه وتلك؟
كنت في السابق أرى هذا وكتبته في مقدمة كتاب التعبير القرآني وكنت أرى أن ما يقال من تعليل في بلاغة القرآن وارتباط الآيات بعضها ببعض إنما هو لو كانت غير ذلك لقاموا بتعليلها لذا قررت أن أدرسها بنفسي فوجدت أن هذا أمر مقصود حقاً وهناك ارتباط أراده الله تعالى بهذه الطريقة لسبب.
سؤال: هل الأوائل فهموا تناسب أوائل السور بخواتيمها؟ القرآن كان ينزل منجماً وقد تنزل آيات وقد يتأخر أول السورة عن آخرها سنوات ولو قرئت هكذا متصلة لفهموها أيضاً.
سؤال: ما القيمة الإيجابية التي نفهمها نحن من تناسب أوائل السور مع خواتيمها؟ هذا السؤال أثير في الحلقة الماضية وذكرت أن القرآن عبارة عن آيات منفصلة لا ترابط بينها تؤتى من هنا وهناك، قسم في البيوع وقسم فيه قصة وقسم فيه معاملات ليس فيه ترابط فيما بينها من هنا وهناك وهذا قاله أكثر من واحد وكتبها فهي متنافرة ليست هنالك رابط ولا تجمعها وحدة موضوع وهذا يقولون أنه عيب في القرآن، السورة يجب أن يكون لها هدف معين أو وحدة موضوع وقالوا هي وحدات متناثرة ليس بينها ترابط ولذلك القدامى نظروا في هذا الأمر ونظروا في ارتباط السور بعضها ببعض وارتباط الآيات بعضها ببعض وكتب البقاعي نظم الدرر في تناسب الآيات والسور وفي البحر المحيط المناسبات وفي تفسير الرازي وتفسير الآلوسي يذكر الارتباط بين السور. ولا شك أنا الآن أشد إيماناً أكثر من أي وقت مضى أن هنالك ارتباط لأنه نلاحظ أحياناً أن الارتباط ظاهر ويكون الآخر تكملة للأول وأحياناً لو وضعت الآية التي في آخر السورة بجانب التي في أولها لكان الكلام متناسباً.
قال تعالى في خاتمة الإسراء (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)) وقال في بداية الكهف (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)). في الإسراء قال(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) وفي الكهف قال (الْحَمْدُ لِلَّهِ) (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) الخطاب موجه للرسول r فقال الحمد لله كأنه استجاب، يعني أمره بحمد الله في خواتيم الإسراء فاستجاب في أول الكهف الحمد لله. وذكر الكتاب في ختام الإسراء (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)) وفي الكهف قال (الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا) وبالحق أنزلناه وبالحق نزل لم يجعل له عوداً قيّماً، أكّد نزوله من قِبَل الله سبحانه وتعالى قيماً لم يجعل له عوجاً. في خواتيم الإسراء قال (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) وفي الكهف قال (لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) من ينذر ومن يبشر؟ قسم قال في سورة الإسراء الرسول r هو العبد المبشِّر وقسم قال القرآن وكلاهما واحد. في ختام الإسراء قال (الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا) وفي الكهف قال (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4)). نلمح أن بعض آيات القرآن توضح وتفسر وتضيف إلى آية أخرى وتجعلها في سياقها.
سؤال: هل توجد دراسة تفسر القرآن بالقرآن فقط؟ ممكن أن يستعين بعض المفسرين خاصة في الأحكام بما يرد في موطن آخر أما تفسير عام فلا أعلم إن كان هناك دراسة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire